قلعة طوريس بالحسيمة معلمة أثرية تكتنز عبق التاريخ وبهاء الجغرافيا

admin23 فبراير 2024آخر تحديث :
قلعة طوريس بالحسيمة معلمة أثرية تكتنز عبق التاريخ وبهاء الجغرافيا

تكتنز قلعة طوريس، والمعروفة أيضا بقلعة صنهاجة، مؤهلات جمالية يمتزج فيها عبق التاريخ ببهاء الجغرافيا، وتجعل الزائر ينعم بمتعة البيئة الجذابة.

وتتموقع المنشأة التاريخية على الساحل المتوسطي على مصب وادي بني بوفراح، وتتواجد على بعد 37 كيلومترات غرب مدينة الحسيمة، وتبعد بحوالي 3 كيلومترات من مدينة بادس الأثرية.

تتربع المعلمة الأثرية فوق تل على ارتفاع حوالي 90 متر عن سطح البحر، محاطة بكل عناصر الطبيعة العذراء، من جبال وبحار، أسفلها شاطئ سبعة بيبان، يحدها من الشرق شاطئ طوريس ومن الغرب شاطئ كلايريس، وغير بعيدة أيضا عن شاطئ بادس، وشموخها يؤكد للناظرين من بعيد، سواء من البر أو البحر، عن عظمتها التاريخية وقيمتها المعمارية وموقعها الاستراتيجي.

وأفادت معطيات للمديرية الإقليمية للثقافة بالحسيمة، لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المعلمة التاريخية الواقعة بالمنتزه الوطني للحسيمة تتخذ شكلا رباعيا يتسع من جهة الغرب ويضيق من جهة الشرق، يتوفر على مساحة أرضية تقدر بحوالي 670 متر مربع، وتتربع في موقع عال يراقب شريط واسع من سواحل البحر الأبيض المتوسط.

وأشار المصدر الى أن قلعة طوريس تضم ستة أبراج، يحيط أربعة منها بزوايا القلعة، ويوجد البرج الخامس فوق بوابة الدخول، أما البرج السادس فتم تجهيزه على الجانب الأيسر من السور بمدافع لحماية مدخل بني بوفراح، ويحيط بالفضاء سياج يبلغ عرضه حوالي 1.60 مترا، ويتراوح ارتفاعه بين 5 و7 أمتار مبنيا من الطوب اللبن على قاعدة من الركام.

كما أن هذه التحفة المعمارية يتركن في رحابها الواسع فضاء داخلي ضخم عبارة عن ساحة مفتوحة وآثار غرف وفضاءات متنوعة، التي من المؤكد أنها كانت تستخدم لإيواء الحامية وتخزين الذخائر، وهي كذلك تحفة غنية يطبع غناها موقعها الاستراتيجي وقيمتها التاريخية وكذا قيمتها المعمارية التي تجمع بين المعمار المغربي الأصيل والهندسة المعمارية الإيبيرية، فضلا عن قيمتها السياحية والجمالية بفضل موقعها البانورامي وسط المنتزه الوطني.

وبخصوص تاريخ قلعة طوريس، تتعدد التواريخ المقترحة للنواة الأولى للمنشأة، فهناك بعض الباحثين يرجعون تاريخها إلى مرحلة الدولة الموحدية، باعتبارها من بناء مغربي أصيل، وتجدر الإشارة إلى أن عبد الحق بن اسماعيل البادسي ذكرها في مؤلفه “المقصد الشريف والمنزع اللطيف في التعريف بصلحاء الريف”، في سياق حديثه عن كرامات الشيخ أبي يعقوب بن الشفاف، محددا إياها بالقرب من مدينة بادس (في القرن 13)، في حين يرى البعض أنها تعود إلى القرن 15 كحصن إيبيري من أصل برتغالي أو إسباني.

وعلى الرغم من تضارب الآراء حول تاريخها، تبقى قلعة طوريس معلمة أثرية ثرية تختزن في تفاصيلها الكثير من نفائس الكنوز التاريخية وآثار الحضارات المتلاقحة، ونظرا لقيمتها العظيمة، فقد حظيت المنشأة العريقة بعملية ترميم واسعة أعادت لها بريقها القديم لتحافظ على تاريخ حي يعيش خلف جدرانها وأبراجها لتبقى راسية في جبال الريف شاهدة على ماض بعيد عريق.

وبشأن ترميمها، أبرز رئيس جمعية تثمين الموروث الطبيعي والثقافي بالمنتزه الوطني (GEODE)، أنور أكوح، أن قلعة طوريس تعد أول معلمة يتم ترميمها في منطقة الريف، وشهدت ثلاث مراحل من الترميم، مشيرا الى أن المرحلة الأولى (2016 – 2017) أقيمت في إطار شراكة جمعت الاتحاد الأوربي ووكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال بكلفة مالية قدرها 3 ملايين درهم، وشمل الترميم الأبراج والحائط وتهيئة الساحة خارج فضاء الموقع و الخدمات الصحية، باحترام تام للمعايير العلمية والتقنية والفنية في الترميم.

ولفت ذات المصدر الى أن المرحلة الثانية (يوليوز 2018 – يوليوز 2020) أنجزت في إطار برنامج التنمية المجالية “الحسيمة منارة المتوسط”، وكلف إنجازها غلافا مالي يقدر بنحو 1.78 مليون درهم، وتم ذلك في إطار شراكة بين وزارتي الثقافة والداخلية، وخصصت عملية الترميم للتهيئة الخارجية خاصة لسلالم الوصول إلى القلعة.

أما المرحلة الثالثة من الترميم فاستغرقت، حسب المتحدث، مدة 18 أشهر وانتهت في دجنبر 2022، و شمل استكمال التهيئة الخارجية للموقع التاريخي وبناء جزء من السور الخارجي للقلعة، وساهمت في المشروع جمعية GEODE، ووزارة الثقافة، بتمويل من سفارة الولايات المتحدة الأمريكية من خلال صندوق السفراء الأمريكي للحفاظ على التراث الثقافي، والذي ساهم بمنحة بلغت قيمتها 170 ألف دولار أمريكي، بهدف جعل التراث الثقافي أداة من أدوات تنويع مداخل التنمية وكشف القيم الجمالية والتاريخية والفنية للقلعة.

وتابع أنه كانت هناك أنشطة موازية لمشروع ترميم القلعة من بينها ندوة في 23 أكتوبر 2022 نظمتها جمعية GEODE حول “تدبير الموروث الثقافي في المنتزهات الوطنية”، بمشاركة مهتمين وخبراء من داخل المغرب وخارجه للتحسيس والترويج والتعريف بالتراث اللامادي والأركيولوجي الذي تزخر به منطقة الريف.

وبما أن قلعة طوريس تبقى جوهرة أثرية تتفنن بدقة الجمال في شكلها ومحيطها ومناظرها وهي قبلة لعشاق السياحة البرية والبحرية والأثرية، فهي بحاجة إلى المزيد من التطوير والتحديث والإضافات التي من شأنها أن تساهم أكثر في دعم حركة السياحة، مع توفير بعض عناصر الاستقطاب المهمة بالنسبة للزوار والسياح، لتنشيط دورة الاقتصاد المحلي الذي يعتمد بشكل كبير على السياحة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

التعليقات تعليق واحد
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
  • ع الرحيم إبن المنطقة
    ع الرحيم إبن المنطقة 24 فبراير 2024 - 2:34

    شاطى طويس او قلعة صنهاجة تبعد عن الحسيمة حوالي 54وليس 37،
    قلعة صنهاجة (طويس )تبعد.عن جماعة بني بوفرح او الخميس بني بوفرح حوالي 6كيلومرات
    قلعة طوريس تبعد عن مدينة تركيست حوالي 30كلم

الاخبار العاجلة