في وقت ينتظر فيه سكان إقليم الحسيمة فرصة لوضع أسس رؤية تنموية جديدة قادرة على تجاوز سنوات من التعثر الاقتصادي والاجتماعي، فإن مجريات النقاش في اللقاء التشاوري حول الجيل الجديد لبرامج التنمية الترابية، كشفت عن محدودية في طرح الرهانات الكبرى التي يحتاجها الإقليم، بعدما طغت عليه مطالب محلية جزئية لا ترقى إلى مستوى الطموحات التنموية المنتظرة.
وشكل اللقاء مناسبة لطرح مختلف التحديات التنموية التي يعيشها الإقليم، إلا أن مجريات النقاش كشفت عن هيمنة منطق المطالب المحلية، إذ ركز معظم المتدخلين على قضايا تخص جماعاتهم الترابية فقط كالإنارة والنقل المدرسي وشق الطرق القروية، دون الترافع عن المشاريع الاستراتيجية الكبرى الكفيلة بإخراج الإقليم من حالة الركود الاقتصادي والاجتماعي التي يعيشها معظم أشهر السنة.
في هذا السياق، لاحظ العديد من المتتبعين أن اللقاء كان فرصة ضائعة لطرح ملفات مصيرية تهم مستقبل إقليم الحسيمة، من بينها ضرورة ربطه بالشبكة السككية الوطنية لما لذلك من دور محوري في فك العزلة ودعم الاستثمار والسياحة، إلى جانب المطالبة بإحداث خط للطريق السيار (Autoroute) يربط الإقليم بالمحاور الوطنية الكبرى، وإحداث أسطول منظّم لحافلات النقل الحضري، بالإضافة إلى تأهيل شواطئ الإقليم التي باتت تعيش وضعاً كارثياً.
كما غاب عن النقاش – بحسب الملاحظين – الترافع الجدي من أجل إعادة إنعاش مطار الشريف الإدريسي بالحسيمة، الذي يعيش ركوداً واضحاً على مدار السنة، في ظل محدودية الخطوط الداخلية وارتفاع أسعار التذاكر، ما يحد من قدرته على المساهمة في تنمية القطاع السياحي وإنعاش الاقتصاد المحلي.
ويرى فاعلون أن تجاوز هذا الوضع يقتضي الانتقال من التفكير المحلي إلى رؤية جهوية ووطنية تأخذ بعين الاعتبار موقع الإقليم وإمكاناته، مع ضرورة فتح خطوط جوية منخفضة التكلفة نحو المدن المغربية الكبرى، وإطلاق رحلات منتظمة تربط الحسيمة بعدد من المدن الأوروبية، خاصة إسبانيا وفرنسا حيث توجد جالية ريفية كبيرة.
اللقاء التشاوري، وإن كشف عن حيوية النقاش المحلي، فقد أبرز في الوقت نفسه حاجة الإقليم إلى قيادة سياسية وتنموية جديدة تمتلك الجرأة في طرح الملفات الكبرى، وتؤمن بأن التنمية الحقيقية لا تتحقق بالمشاريع الصغرى المتفرقة، بل عبر أوراش مهيكلة قادرة على تغيير واقع الحسيمة وتحقيق إقلاعها الاقتصادي المنتظر.








































