تابعنا كناشطين وحقوقيين من أبناء الريف، ونحن نرصد الأحداث المرتبطة بحراك الريف منذ انطلاقه، ما صدر عن بعض الشخصيات التي ادعت الدفاع عن الحقوق والحريات، وبينهم السيد أحمد ويحمان، من تصريحات ومواقف أثرت بشكل مباشر على مسار الحراك وعلى صورة معتقليه. وفي ظل البيان الأخير الذي نشره حول “قضية حراك الريف وقيادته المعتقلة”، نرى من الضروري توضيح الحقائق كاملة للرأي العام، مع توثيق المواقف بما يتماشى مع المبادئ الحقوقية والتاريخية.
منذ انطلاق الحراك، واجهت ساكنة الريف تحديات كبيرة، بين تهميش اقتصادي واجتماعي، واحتجاج سلمي استهدف المطالبة بالكرامة والعدالة.
في هذه المرحلة، لعب بعض المتحدثين، ومن بينهم ويحمان، دورا في شيطنة الحراك واتهام أبنائه بالاختراق والتآمر.
تصريحاته التي تحدثت عن “اختراق صهيوني” أو مواقف معلقة حول “أجندات خارجية” لم تدعم بأي دليل ملموس، لكنها ساعدت، بشكل غير مباشر، الأجهزة الأمنية في تبرير القمع والاعتقالات التعسفية، وخلقت مناخًا من الخوف والتخوين داخل المجتمع المدني الريفي.
وقد جاء البيان الأخير يحاول فيه التوضيح والتبرير، لكن الاعتراف الرمزي السابق لإرضاء الأجهزة الأمنية يظل موقفًا مشوهًا يفتقر إلى الصراحة والمصداقية، ولا يمكن للبلاغات اللاحقة أن تمحو أثر هذا السلوك.
الأمر الأكثر إيلاما، هو استغلال أسماء ورموز الريف التحررية في الخطاب الإعلامي والسياسي، مثل المرحوم أحمد المرابط والمرحوم الدكتور عمر الخطابي وغيرهم، في محاولة لإضفاء صفة وطنية أو أخلاقية على مواقف شخصية، بينما الواقع وسلوك وومارسات السيد وايحمان يعكس نقيض مشروع هؤلاء الأبطال، الذين كرسوا حياتهم للكرامة والعدالة والحرية والدفاع عن القيم الإنسانية، ولم يستخدموا سمعتهم أو مواقفهم التاريخية لتبرير مواقف سياسية مشبوهة أو لتجميل صورة شخصية بعد فوات الأوان.
واحدة من أكثر الممارسات التي تكشف عن ازدواجية الموقف، هي انسحاب ويحمان من الدفاع عن معتقلي حراك الريف أثناء محاكمة الدار البيضاء، حيث كان دوره كحقوقي وناشط قانوني مطلوبا للحفاظ على الحق والعدل، لكنه اختار الانسحاب.
هذا الانسحاب يعكس غياب الالتزام الأخلاقي والمهني، ويؤكد أن مواقفه السابقة لم تكن مبنية على حماية الحقوق، بل على موازنة الأدوار لإرضاء الأجهزة الأمنية، على حساب العدالة وكرامة المعتقلين وأسرهم.
البيان الأخير يحاول تقديم نفسه في صورة المدافع عن الحراك، ويشير إلى عدم استهداف المعتقلين، لكن الحقائق موثقة على الأرض:
تصريحاته السابقة كانت واضحة ومؤثرة، وساهمت في خلق أجواء التخوين ضد شباب الحراك.
الانسحاب من الدفاع عن المعتقلين يضعف أي ادعاء لاحق عن دعم حقوقهم.
استغلال رموز الريف للتحرير في خطابه الحالي يظهر ازدواجية واضحة بين القول والفعل.
إن مجرد الحديث عن “سوء الفهم” أو “عدم القصد” لا يبرر الأفعال السابقة، ولا يمحو تأثيرها على المجتمع المدني والمعتقلين.
بالنسبة لي شخصيا ، وكفاعل من داخل حراك الريف منذ انطلاقه اؤكد ما يلي:
1. حراك الريف كان مشروعا سلميا وحقوقيا، مطالبا بالكرامة والعدالة الاجتماعية، ولم يكن يومًا تهديدًا أو مشروع مؤامرة.
2. أبناء الريف ضحوا بالغالي والنفيس، وتعرضوا للقمع والتهميش، ويستحقون الاعتراف بالحق والإنصاف دون أي تزييف للحقائق.
3. من أراد الدفاع عن الريف اليوم، فعليه أن يبدأ بالاعتراف الصريح بأخطائه السابقة، والاعتذار للأسر وللمجتمع المدني، قبل أي تظاهر بالالتزام بالقيم الحقوقية.
4. التاريخ سيظل شاهدا على كل المواقف، ولن تمحى الذاكرة الجماعية بتصريحات متأخرة أو بيانات توضيحية.
باختصار شديد، الريف وأبناءه لا يحتاجون إلى تزكية أو إلى بيانات مجاملة، بل إلى مواقف حقيقية تدعم حقوقهم وتطالب بالعدالة.
الاعتراف بالأخطاء، والمحاسبة الرمزية أو العملية لمن ساهم في تشويه الحراك، هو السبيل الوحيد للثقة والمصداقية، أما محاولات التجميل والتبرير المتأخرة، فلن تقنع أحدا، لأن الريف لا يخدع مرتين.
فريد آيث لحسن
لاهاي.
خريف 2025







































