نظمت الحركة السياسية الأمازيغية بالمغرب بتنسيق مع جمعية حقوق الإنسان بالمغرب ندوة وطنية تحت شعار: “إيمازيغن في مواجهة الإقصاء السياسي” بمقر “دار المحامي” بالدار البيضاء يوم السبت 20/05/2023 على الساعة الثالثة بعد الزوال 15.00.
انطلقت الندوة الوطنية، التي سير أشغالها الأستاذ محمد حميش منسق لجنة الإشراف الوطنيوقام بمهمة مقررها الأستاذ نعيم بوبكر عضو لجنة الإشراف الوطني، بكلمة افتتاحية للمسير الذي استهل حديثه بالسياق العام لتأسيس الحركة السياسة الأمازيغية وموجز مسارها خلال الفترة الماضية. كما قدم الشكر الجزيل لكل الأساتذة المؤطرين الذين لبوا نداء الحركة السياسية الأمازيغية لتأطير الندوة.
ثم أعطى الكلمة للأستاذ موسى أغربي الذي تمحورت مداخلته المعنونة ب “إقصاء الأمازيغية: اختيار إرادي أم إجباري” أهمية ممارسة السياسة معتبرا أن “الحركات التي لا تمارس السياسة يكون مصيرها الموت”، منتقدا العمل الحزبي المغربي الذييستمد مرجعيته من الشرق بكل حمولاته السلبية والإقصائية، معتبرا أنه لا فرق بين التيارات السلفية والتيارات العروبية. وقد اعتبر الأستاذ أغربي أن الحركة الأمازيغية كانت منذ البدء تمارس السياسة، محيلا على مطلب إعادة كتابة تاريخ المغرب باعتباره ممارسة فعلية لعمل سياسي، وكذا اعتقال علي صدقي أزايكو باعتباره اعتقال سياسي…
المداخلة الثانية كانت منتأطير الأستاذ عبد الله بادو والمعنونة ب“الأمازيغية وسؤال الفعل السياسي: أي مشروع؟ لأي حركة؟”، والتي انطلق فيها من اعتباره أنه “لا وجود لفرق بين العمل المدني والفعل السياسي، فهما متناسقان”، وأن كل ما حققته الحركة الأمازيغية كان بفضل الفعل النضالي المدني، مسجلا أنه رغم ترسيم اللغة الأمازيغية في دستور 2011 فإن تطبيق وأجرأة هذا الترسيم على أرض الواقع مازال عالقا. معتبرا أن طرح سؤال قدرة الحركة الأمازيغية على خلق فعل سياسي؟ يستوجب أولا الحسم في مرجعية هذا الفعل وآليات اشتغاله، وما طبيعة المشروع والتصور الذي يؤطر هذا الفعل؟ مؤكدا على أن المشروع يجب أن يكون متكاملا، وقادرا على إعطاء إجابات في جميع المجالات.
المداخلة الثالثة كانت للأستاذ عبد الرحيم إدو صالح والمعنونة ب “أي تنظيم يتماشى وخطاب الحركة الأمازيغية؟”، والتي اعتبر في مستهلها “أن إيمازيغن لا يواجهون الإقصاء والتهميش، بل وبكل بساطة فهذا الإقصاء والتهميش بفعل فاعل، وبالتالي فإن إيمازيغن يواجهون فاعلا”، أي أن إيمازيغن يواجهون بنية سياسية مسيطرة في كل شمال أفريقيا، وأن هذه البنية (الدولة) هي التي همشت الإنسان الأمازيغي، مميزا بين مفهومي الدولة والوطن، معتبرا أن الوطن أشمل من الدولة، وهذه الأخيرة لا تعير أي اهتمام للفرد بل تهمها مصلحتها فقط. وقد قدم الأستاذ المحاضر قراءة في شعارات الدولة المغربية وثوابتها من زاوية نظر مغايرة للسائد. معتبرا أن إيمازيغن ليست لديهم مشكلة مع الملكية، وهم الذين مارسوا هذا النمط من الحكم عبر التاريخ، لكن من حقهم أن يطالبوا بدمقرطة البنية السياسية للدولة. وفي الأخير اعتبر أن التنظيم الذي يناسب المرحلة الحالية ولتجاوز كل الإكراهات والإخفاقات السابقة، هو “حركة سياسية احتجاجية”.
المداخلة الرابعة كانت للأستاذ خالد البكاري والمعنونة ب “إيمازيغن وسؤال الثروة والسلطة”، والتي انطلق فيها من ملاحظة أن “كل من خارج الحركة الأمازيغية يرى أنها حركة تطالب فقط باللغة والثقافة الأمازيغية”. كما تساءل عن أي دولة نتحدث في المغرب؟ هل دولة 12 قرن أم دولة اليوم؟، كما شدد على تنوع الأعراف الأمازيغية بين مختلف مناطق المغرب رغم القواسم المشتركة بينها. كما انتقد سياسة نزع الأراضي، متسائلا عن دورها في تفكيك القبيلة كنمط تدبيري متواصل عبر التاريخ. كما تناول إقرار السنة الأمازيغية كعطلة رسمية مؤدى عنها من خلال منطق التفضل والهدية. كما تساءل حول مشروع العمل السياسي هل في إطار الاشتغال مع السلطة أم مع المجتمع؟ وفي الأخير عبر عن استعداده للدفاع عن “حركة الأرض الأمازيغية” حسب تعبيره.
المداخلة الخامسة كانت من تأطيرللأستاذ محمد زروال والمعنونة ب “الأمازيغ والإقصاء السياسي” منطلقا فيها من حقيقة أولى مفادها أن “الدولة المغربية تعتبر دولة إسلامية عربية” وبالتالي فإن الإقصاء السياسي الذي يعيشه إيمازيغن هو ممنهج وتحصيل حاصل. مذكرا بعمل كل من الحركة الوطنية والاستعمار على إقصاء إيمازيغن من الحياة العامة، وقد سجل المحاضر أن ما سمي ب”الظهير البربري” لعب دورا كبيرا جدا في إقصاء إيمازيغن من المشهد السياسي، وبالتالي فشراكة الحركة الوطنية وسلطات الحماية اشتغلتا يدا في يد من أجل تقوية وتأبيد هذا الإقصاء والتهميش لإيمازيغن. وقد ذكر المحاضر بأن دستور 2011 قد قاطعته أغلب مكونات ومناضلي الحركة الأمازيغية، مسجلا أن كل الأحزاب تمارس السلطة وتدافع عن السلطة على ظهر إيمازيغن. وفي الأخير أكد المحاضر أنه لا يمكن أن نخرج من الوضع الراهن إلا إذا قدمنا إجابة للسؤالين التاليين: من نحن؟ وماذا نريد؟، مقدما مشروع إجابة على الشكل التالي: أنه كي نخرج من هذا الوضع الذي شبهه بعنق الزجاجة يجب المطالبة بالدولة الأمازيغية الديمقراطية.
المداخلة السادسة والأخيرة كانت للأستاذ عبد الله ناصر والمعنونة ب “لماذا اليوم حركة سياسية أمازيغية بالمغرب؟”الذي عبر فيها عن طبيعة العمل في إطار الحركة السياسية الأمازيغية بالمغرب الذي ينبني على الاحتكاك المباشر مع المواطنين والقواعد في مختلف مناطق المغرب وتلمس مطالبهم، باسطا نماذج عديدة من مطالب ومقترحات الذين تم التواصل معهم في مختلف المناطق والفئات الشعبية، في إطار عمل لجنة الإشراف الوطني واشتغالها الميداني. ومن بين النماذج التي قدمها الأستاذ المحاضر وعضو لجنة الإشراف الوطني سياسة نزع الأراضي التي تنتهجها الدولة دون اعتبار لكل الأعراف والمرتكزات القانونية والثقافية التي نشأ عليها الشعب الأمازيغي منذ فترات قديمة واستمر في العمل بها ليومنا هذا. كما اعتبر المحاضر أنالحركة السياسية الأمازيغية بالمغرب هي الحل الأنجعللكثير من الملفات العالقة في المغرب خاصة ملف الوحدة الترابية.في الأخير مجموعة من محاولات ومشاريع إجابات وأفكار ستشتغل عليها الحركة السياسية الأمازيغية في المرحلة المقبلة ما بعد التأسيس.
بعد انتهاء مداخلات وعروض السادة الأساتذة فتح المسير المجال أمام جميع الحاضرين للمساهمة في تطوير النقاش وإثرائه بمقترحات وأفكار وتصورات أو أسئلة واستفسارات حول العروض المقدمة، وهو ما كان من خلال تسجيل ثراء وتنوع وتكامل جل التدخلات التي عبرت عن مستوى رفيع من التمكن والكفاءة التي يمتلكها مناضلو الحركة الأمازيغية وعموم الحاضرين في سبيل تقديم إضافات نوعية لإغناء النقاش السياسي الأمازيغي المفتوح في سياق تأسيس وبلورة حركة سياسية أمازيغية جماهيرية ومستقلة، كفيلة بتقديم تصورات وبدائل سياسية حقيقية وجذرية كفيلة بتجاوز وضعية التهميش والدونية والإقصاء التي يعاني منها إيمازيغن وعموم الشعب المغربي، وذلك بفضل توفر هذه الحركية السياسية الأمازيغية على خزان كبير وثري من الكفاءات والأطر والقواعد الكفيلة بضمان السير الجيد في سبيل تسطير ملاحم بطولية نوعية وجديدة لرفع الإقصاء السياسي على إيمازيغن وتمكينهم من حقهم الطبيعي في السلطة والثروة.
وفي الختام شكر مسير الندوة جميع الأساتذة المشاركين على مساهمتهم القيمة في إنجاح هذا اللقاء المتميز، والذي سيكون له بدون شك ما بعده في سبيل تجويد أداء الحركة السياسية الأمازيغية بالمغرب واستكمال البرنامج المسطر سلفا في سبيل الوصول إلى المؤتمر التأسيسي للحركة في الأشهر القليلة المقبلة وفقما هو مقرر في لقاء طنجة الأولي.
كما شكر الحضور النوعي والكمي الوازن الذي تابع أشغال الندوة وساهم في إنجاحها، وقدم الشكر الجزيل لمسؤولي دار المحامي ومن خلالهم هيئة المحامين بالدار البيضاء على حسن استقبالهم وتعاملهم الكريم في توفير القاعة باعتبارها عنصرا حيويا في إنجاح هذا العرس النضالي والفكري والسياسي الأمازيغي.
عن لجنة الإشراف الوطني
من إعداد: محمد المساوي