رغم ما تزخر به مدينة الحسيمة من مؤهلات طبيعية وسياحية نادرة، لا تزال هذه المدينة المتوسطية تفتقر إلى هوية بصرية واضحة تميزها وتُسهم في تسويقها كوجهة سياحية وطنية ودولية. من الشواطئ ذات المياه الصافية إلى المنتزه الوطني الذي يُعد من أبرز الكنوز البيئية في شمال المغرب، تظل الحسيمة حبيسة التهميش وسوء التدبير.
يمتد المنتزه الوطني للحسيمة على مساحة تُقارب 48.460 هكتارًا، منها 19.000 هكتار تغطي المجال البحري، ما يجعله أحد أكبر المنتزهات البيئية في المملكة. يضم هذا الفضاء الطبيعي منحدرات صخرية، غابات، وشواطئ خلابة، ورغم هذه الثروة الطبيعية الهائلة، يغيب الاهتمام الجدي بتأهيل هذه المساحات واستثمارها بشكل مستدام.
في كل موسم الصيف، تتجه أنظار آلاف الزوار إلى شواطئ الحسيمة، لكن سرعان ما يصطدمون بواقع النظافة المتردي وغياب البنية التحتية والخدمات الأساسية. أكوام من النفايات، قلة في المرافق الصحية، وغياب الإنارة والمراقبة، تحوّل بعض الشواطئ إلى فضاءات طاردة بدل أن تكون جاذبة. ويُثير هذا الوضع تساؤلات حول دور الجماعات الترابية والقطاعات المعنية في صيانة المجال البحري.
واحدة من أبرز مظاهر التراجع السياحي بالمنطقة تكمن في غياب هوية بصرية موحدة تُميز المدينة وتُعزز جاذبيتها. لا توجد رموز تصميمية موحدة، ولا حتى خرائط أو لوحات إرشادية تبرز المعالم الطبيعية والثقافية للمنطقة. وفي ظل غياب رؤية استراتيجية، لم يُستثمر التنوع الطبيعي والثقافي للمنطقة بالشكل المطلوب، ما يجعل الحسيمة تعيش عزلة سياحية مقارنة بمدن أقل مؤهلات.
ويرى عدد من الفاعلين المدنيين والمهتمين بالشأن المحلي أن الحل يبدأ من وضع مخطط للتسويق الترابي يدمج الهوية البصرية في كل المستويات: من تصميم واجهات الإدارات واللوحات الطرقية، إلى إنتاج محتوى رقمي وإعلامي يُروج للمنطقة بلغات متعددة. كما تُطالب الأصوات ذاتها بإطلاق حملات موسمية لتنظيف وتأهيل الشواطئ، وتكوين شباب المنطقة في مجالات التوجيه السياحي والخدمات البيئية.