مرضى ينتظرون شهورا بمستشفى الحسيمة للحصول على فرصة علاج
يقوم المستشفى الجهوي محمد الخامس بمدينة الحسيمة بدور هام لسكان المدينة والمناطق المحيطة بها، باعتباره الأكبر على مستوى الإقليم، في انتظار الافتتاح الرسمي للمستشفى الإقليمي الذي تم تشييده على الطريق الساحلي بين الحسيمة والناظور، ويبعد عن الحسيمة بحوالي 15 كيلومترا. ويعتبر الاكتظاظ وطول مدة المواعيد المخصصة للفحص الطبي وإنجاز بعض العمليات، مشكلا حقيقيا بالنسبة إلى المرضى وأسرهم، الذين يضطر بعضهم إلى التوجه إلى المصحات الخاصة. وذكر أحد المرضى الغاضبين، أن معاناة الفئات الهشة بهذا المركز الاستشفائي تتجلى في صعوبة تحديد موعد مع طبيب اختصاصي أومن أجل إجراء عملية جراحية أوفحص بالمنظار الداخلي، إذ يتطلب الأمر الانتظار أزيد من ثلاثة أشهر. ويعاني المرضى الذين يقصدون المركز الاستشفائي من إطالة أمد المواعيد للراغبين في الاستشارات الطبية، وذلك بالرغم من وجود أكثر من طبيب في بعض التخصصات، يفترض أنهم يغطون احتياجات سكان المدينة. وعزت مصادر مطلعة، طول مدة مواعيد هذه الاستشارات التي قد تصل إلى أربعة أشهر إلى اتفاق بعض الأطباء فيما بينهم للتناوب على العمل، إذ يشتغلون بالتناوب أسبوعا واحدا والتوقف عن العمل لمدة تتجاوز أسبوعين، بحيث يشتغل طبيب لمدة أسبوع، ويمنح لنفسه عطلة. وكان تقرير للمفتشية العامة لوزارة الصحة، أشار إلى أن توقيت العمل المعمول به من قبل بعض الأطباء لايحترم النصوص التنظيمية المعمول بها، وأصبح يتخذ أبعادا غير مقبولة، رغم صدور العديد من المذكرات الوزارية في هذا الشأن، التي تمنع مثل تلك التصرفات. كما يعيش قسم الفحص بالأشعة بالمستشفى الإقليمي بالحسيمة، ازدحاما كبيرا، حيث المرضى يحملون أوراقا بين أيديهم، في انتظار ساعة الفحص، في الوقت الذي تتعرض فيه بعض الأجهزة لبعض الأعطاب، مايتوقف معها استعمالها خاصة جهاز ” السكانير ” وجهاز تشخيص سرطان الثدي ” الماموغرافي “، إضافة إلى غياب طبيب مختص في قراءة الصور الإشعاعية، ما يضطر معه المواطنون إلى دفع تكاليف باهظة لإجراء الفحص في مصحات خاصة.
اكتظاظ بجناح الاستشارات الطبية وخصاص في الموارد البشرية
لاتقف معاناة المواطنين عند طول مدة المواعيد المخصصة للفحوصات الطبية فقط، بل تزداد أثناء فترة الانتظار بالقاعات والممرات بالجناح المخصص للاستشارات الطبية بالمركز الاستشفائي محمد الخامس، وكذا بمستوصف الحرشي وعبد الله حمو. فمساحات الجناح سالف الذكر والمركزين الصحيين الحضريين صغيرة وضيقة، والكراسي الموجودة فيها غير كافية. واستغرب العديد من المواطنين توفر قسم المستعجلات على طبيب واحد، خاصة وأن القسم يستقبل يوميا مرضى أحوالهم الصحية تكون خطيرة ناتجة عن مضاعفات المرض أوالإصابة بأزمات حادة وخاصة القلبية منها والتنفسية، وكذا ضحايا حوادث السير وغيرها. ويعاني هذا القسم قلة الموظفين الذين يعدون على رؤوس الأصابع. ويلجأ مرتفقون أحيانا للاحتجاج والصراخ للإسراع بمريض حالته لاتحتمل الانتظار وسط طوابير المنتظرين. ويجمع العديد من المتدخلين في القطاع الصحي بالحسيمة على أن ثمة أسبابا موضوعية وذاتية قد تحدث خصاصا مهولا في المستقبل بالخريطة الصحية بالمنطقة، محددين إياها في الانسحاب من القطاع العام نحو القطاع الخاص، والانقطاع عن العمل والرخص وعدم تعويض الأطباء المغادرين للمستشفى، في إطار الحركة الانتقالية، مستشهدين بالعديد من الحالات التي شهدها المستشفى الجهوي بالحسيمة، كحالة الطبيب المتخصص في جراحة الأطفال، ماقد يصيب بعض المصالح الحيوية بالشلل. ولعل أكبر عقبة تواجه المرضى وتضاعف محنتهم، الخصاص الكبير في الموارد البشرية، خاصة في صفوف الأطباء المختصين، وانعدام بعض الآلات الطبية المهمة التي تعاني أعطابا مستمرة، وهو مايعمق جراح المرضى ويثقل كاهل عدد من الأطباء والممرضين والمستخدمين الذين يقومون بمجهودات جبارة. وأكد مصدر من المستشفى أن المسؤولين عن قطاع الصحة يعملون على حل وتدبير بعض المشاكل التي يواجهها القطاع، اعتمادا على الموارد البشرية الموجودة، في الوقت الذي طالب بتعيين طبيب آخر للعمل بقسم المستعجلات لوضع حد للاكتظاظ الذي يشهده في العديد من الأحيان. ويظل تعزيز الحكامة الاستشفائية، وتثمين الموارد البشرية في المراكز الاستشفائية، عالقين في مستشفى محمد الخامس بالحسيمة الذي لايتوفر على طبيب أخصائي في القلب والشرايين وجراحة الأطفال، ماجعل العديد من الأسر تنتقل بأطفالها إلى المراكز الاستشفائية الجامعية بوجدة أوفاس أوطنجة. ولاتخلو بوابة ولوج المستشفى الجهوي للحسيمة من مشاهد يومية لخلافات بين حراس الأمن الخاص ومرتفقين، على غرار ماحدث في العديد من المناسبات، حين يرفض الحراس السماح لأشخاص بالولوج، فيتطور الأمر أحيانا إلى ملاسنات قد تصل إلى دوائر أمنية.
مراكز صحية بدون أطباء
أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، أن 22 مركزا صحيا بمختلف أنحاء إقليم الحسيمة، لاتتوفر على طبيب، بسبب مغادرة الأطباء هاته المراكز لمتابعة دراستهم في مجالات التخصص، أوانتقالهم إلى أقاليم أخرى دون تعويضهم. وقال آيت طالب، إنه من أجل سد الخصاص في الأطباء بالمراكز الصحية التي لاتتوفر على طبيب بإقليم الحسيمة، فتحت المديرية الجهوية للوزارة السنة الجارية أربع مباريات توظيف أطباء عامين، إلا أنه لم يلتحق سوى خمسة أطباء. وأشار إلى أن المديرية الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية تعطي الأولوية للعالم القروي بإقليم الحسيمة، فيما يخص تأهيل المؤسسات الصحية وتدعيمها بالأطر الصحية، إلا أن العديد من المراكز الصحية القروية تعاني من عدم وجود طبيب رئيسي للسببين سالفي الذكر. وكشف الوزير على أن المراكز الصحية التي لاتتوفر على أطباء هي المراكز من المستوى الثاني بإكاون، وأربعاء تاوريرت، والرواضي، وبني حذيفة، وبني جميل مقصولين، وبني جميل مسطاسة، وبني بوفراح، وبني عمارت، وزاوية سيدي عبد القادر، وتفروين، وبني أحمد إموكزان، وثلاثاء كتامة، وتاغزوت، وتبرانت، والمراكز الصحية من المستوى الأول بكل من سيدي بوزينب، وسنادة، وشقران، وسيدي بوتميم، ومولاي أحمد الشريف، وتامساوت. وأكد آيت طالب، أنه رغم فتح هذه المراكز في إطار الحركة الانتقالية وفي حصص التعيين الخاصة بالأطباء العامين، إلا أنه لم يتم اختيارها. ويعاني سكان الإقليم مشقة في الوصول إلى بعض المراكز الصحية من المستويين، خاصة خلال بعض المناسبات الوطنية الخاصة بالتلقيح والحصول على الأدوية المتعلقة بتنظيم الأسرة ومتابعة علاجات بعض الأمراض كالسل والسكري. وتظل التجهيزات وبنية الاستقبال بهذه المراكز الصحية بالعالم القروي، اقل ضعفا مقارنة مع المجال الحضري، ولاتستجيب لحاجيات المواطنين، الأمر الذي يطرح تحديا حقيقيا أمام مسؤولي القطاع، خاصة على مستوى الصحة الإنجابية وبعض الأمراض المزمنة التي تتطلب متابعة طبية مستمرة.
تأخر فتح المستشفى الجديد يقلق السكان
يعيش إقليم الحسيمة حالة من الاستياء، جراء تأخر افتتاح المستشفى الإقليمي الجديد الذي شيد ضمن مشاريع برنامج “الحسيمة منارة المتوسط “، بغلاف مالي ناهز 20 مليار سنتيم، وأصبح جاهزا منذ أزيد من سنة. ومنذ الإعلان عن جاهزية المستشفى الجديد، انتظر المواطنون بفارغ الصبر افتتاحه. وأبدت بعض المصادر تخوفها من أن يطول بعض تجهيزاته الصدأ وتتعرض للتلف، بسبب وجود المستشفى على واجهة البحر، مايثير قلقا في أوساط السكان حول جودة المعدات والخدمات التي سيقدمها للمواطنين. وتطالب العديد من الفعاليات المدنية والسياسية والحقوقية بالمنطقة، المسؤولين بالإسراع في افتتاح المستشفى الإقليمي الجديد الكائن بتراب جماعة آيت يوسف وعلي، بهدف تخفيف الضغط على مستشفى محمد الخامس بمدينة الحسيمة، الذي بات يواجه صعوبات جمة في استيعاب عدد المرضى. وعبر مهتمون بقطاع الصحة بالمنطقة، عن خيبة أملهم واستيائهم من التأخر الطويل، مؤكدين على أهمية الاستجابة السريعة لهذا الأمر لضمان توفير خدمات صحية وفعالة لجميع المواطنين. بالمقابل، ورغم تشييد هذا المركز الاستشفائي الإقليمي بمواصفات حديثة، من شأنه تقريب العلاج من مواطني المنطقة وتلافي المشاكل التي يتعرضون لها عندما يضطرون للسفر والتنقل إلى المستشفيات الجامعية بفاس أووجدة لتلقي العلاجات الضرورية، فإن العديد من المهتمين يؤكدون أن ذلك قد يؤثر على بعض الخدمات والعلاجات التي سيقدمها هذا المرفق الاستشفائي، نظرا لتشييده خارج المدار الحضري، ماسيجد معه المرضى ومرافقوهم صعوبة في الولوج إليه.
مركز صحي حضري يعتمد نظاما معلوماتيا
يشكل المركز الصحي الحضري المستوى 2 بئر إنزران بمدينة الحسيمة الذي ينتظر افتتاحه قريبا، بعد إعادة هيكلته، نقطة الضوء وسط عتمة المشاكل التي تعرفها بعض المراكز الصحية بالمنطقة. ويضم المركز قسما للأمراض التنفسية وآخر لعلاج الأسنان، وأجنحة للاستشارات الطبية. وقالت مصادر مطلعة، إن المركز سيعمل على بناء نظام معلوماتي صحي مندمج، يساعد جميع المتدخلين في تجويد الخدمات الصحية وذلك عبر إنشاء وإرساء نظام معلوماتي صحي ينطلق في مرحلة أولى من الملفات الطبية للمرضى، ومن قواعد المعطيات الرقمية لدى بعض المستشفيات في أفق أن يدمج فيه كافة الملفات الطبية للمواطنات والمواطنين. وسيعمل المركز على توثيق وحفظ جميع المعلومات الصحية الخاصة بالمرضى، وتمكين مهنيي القطاع من الاطلاع الآني على الملفات الطبية للمرضى وتتبعها، وتجويد الخدمات. وأكدت المصادر أن من شأن هذا المركز الصحي الحضري، وضع حد لمعاناة مهنيي الصحة والمواطنين من غياب توثيق يصعب معه ضبط الحياة الصحية للمرضى من قبل الأطباء، مايضطر معه المواطنون إلى الحفاظ على الوثائق الورقية المتعلقة بملفاتهم الطبية، نظير الصور الإشعاعية والوصفات الطبية، وحملها عند زيارة أي طبيب.
جمال الفكيكي