بمبادرة من فرع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بالحسيمة، نظمت ندوة في موضوع ” قانون الأسرة في المغرب وراهنية التغيير”، شارك فيها مجموعة من الأستاذات والأساتذة، وباحثات وباحثون من رجال القانون، وحقوقيات وحقوقيون، وذلك مساء أول أمس ( الخميس ) 23 نونبر 2023 بقاعة الاجتماعات بمقر بلدية الحسيمة.
وترآست أشغال جلسة الندوة الأستاذة سارة الوزاني، عضوة المجلس الوطني للمنظمة، والعضوة في المكتب المحلي. وقدم الأستاذ عادل الهلالي نائب كاتب الفرع وعضوالمجلس الوطني للمنظمة الورقة التأطيرية للندوة، في حين تولى الأستاذ الخطابي عبد الرحيم عضو المكتب المحلي للمنظمة توثيق جميع المداخلات وتأطيرها وتتبعها إعلاميا، وشارك في نجاحها جميع أعضاء المكتب الخمسة، واصدقاء المنظمة بالحسيمة والمتعاطفين معها
وأدلى الأستاذ شوقي نجيب المستشار في محكمة الاستئناف بالحسيمة، الباحث أيضا، والأستاذ الزائر في الكلية متعددة التخصصات بالناظور، برأيه وتصوره القانوني الذي اقترح فيه لبنائه النظري والعملي العنوان التالي ” مواطن الاستثناء في مدونة الأسرة بين دعاوي الإلغاء ودواعي الإبقاء “، وهو موضوع معبر له دلالات مهمة، لكونه رجل قانون ينهل من عدة تجارب ميدانية عايشها على أرض الواقع في سلك القضاء، إضافة إلى ثقافته القانونية والشرعية الأصيلة في هذا الملف الذي يعتبر ورشا إصلاحيا مهما، يحظى برعاية ملكية كبيرة منذ سنة 2022، وتكليف الحكومة المغربية لتقوم بالإشراف عليه، مع إشراكها مؤسسات دستورية عليا، وانفتاح إيجابي على هيئات المجتمع المدني والاستشارة معها، على مستوى استقبالها والاستماع إليها، والأخذ بمقترحاتها التعديلية التي تروم التغيير والإصلاح.
وفي السياق نفسه، أشار الأستاذ محمد أورياغل رئيس المجلس العلمي المحلي بالحسيمة، إلى الثوابت الوطنية السامية للدولة المغربية، والهوية الدينية والحضارية المتكاملة للأمة المغربية، مركزا بالخصوص وبالدرجة الأولى على السياقات التاريخية لأول مدونة للأحوال الشخصية خلال سنتي 1957 و1958، بعد إجلاء الاستعمار واستقلال المغرب، مركزا أيضا على الأبعاد العميقة لمدونة الأسرة المغربية ونتائجها الإيجابية في الحفاظ على تماسك واستقرار الأسرة المغربية، وحماية مكوناتها من جميع أشكال الانحراف، وأهمية الجانب الفقهي والشرعي بعلائمه المغربية المتوارثة منذ قرون، والتي تشكل صمام أمام جميع أنواع الغلو، وتعبيد الطريق الأسلم من أجل ترسيخ قيم الاعتدال والوسطية والتسامح والعيش المشترك.
بالنسبة للأستاذة كاميليا بقيوي بطمو الوفراسي المحامية بهيئة طنجة، عضوة المكتب التنفيذي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان والفاعلة المدنية، فقد اقترحت أن تكون مداخلتها في موضوع ” مدونة الأسرة بين: الإكراهات والتحديات”، مسلطة الضوء على الاتفاقيات الدولية في مقارنة مع القانون الوطني وتقدم الدستور المغربي في هذا الصدد على مستوى المقتضيات الحقوقية التي تضمنها في صياغته الإصلاحية لسنة 2011، وناقشت واقع الحال على مستوى التحديات والإكراهات التي يقاسي منها الأطفال المغاربة والنساء والأسرة المغربية عامة، الأمر الذي يفرض في تقديرها الحقوقي أهمية تغيير فصول المدونة ومراجعتها بشكل شامل وعميق.
كما كان الحضور مع مداخلة الأستاذ أحمد البضموصي دكتور في القانون وإطار إداري في الخزينة العامة للمملكة بالحسيمة وفاعل حقوقي على مستوى عدة تجارب تقاسمها معنا في مدينة الحسيمة، مركزا على اختلالات وثغرات ونقائص مدونة الاسرة، من قبيل التعدد ونسب الأطفال وزواج الطفلات القاصرات ومسألة الاهلية والولاية الشرعية، مستدلا في نفس الوقت ببعض الأحكام القضائية الجريئة والشجاعة في الموضوع، داعيا في صلب مداخلته إلى الأخذ بعين الاعتبار أهمية المقترحات والتغييرات الواجبة التي يطرحها الفاعلون المدنيون والجمعيات والمنظمات الحقوقية الوطنية بناء على المرجعية الدولية والوطنية؛ مقترحا لموضوع مداخلته العنوان التالي ” سياق تعديل مدونة الأسرة والتحديات الواقعية.”
كما شرفتنا بدورها الأستاذة الجامعية سعاد الحميدي عضوة مكتب المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بطنجة، وأستاذة القانون الخاص بكلية العلوم القانونية في جامعة عبد المالك السعدي بطنجة؛ بعد أن ارتأت التدخل في موضوع : ” الأبعاد الاستراتيجية للمراجعة الشاملة لمدونة الأسرة ” واستفاضت وبشكل أكاديمي دقيق الى توضيح المفاهيم والمصطلحات ذات الصلة براهنية إصلاح مدونة الأسرة الصادرة سنة 2004، من قبيل الفرق الموجود بين التعديل والمراجعة والإصلاح، وأهمية كل مفهوم من هذه المفاهيم وضرورة توظيفه واستعماله في سياقه الطبيعي والمناسب، حتى يكون تغييرا حقيقيا وفي المستوى الذي تطمح إليه وتنشده الأسر المغربية والحركات النسائية في بلادنا، كما ركزت على مسألة وأهمية المرجعية الدولية بشكل أساسي وبعدها المرجعية الوطنية، والقيمة الأساسية للاجتهاد الحديث والمتنور، خاصة على صعيد المذهب المالكي، والصيغة الجديدة الواجب التعامل بها مع الفصل 400 من مدونة الأسرة الحالية، مشيرة بدورها إلى الفصول التي تعد في نظر الحركة الحقوقية المغربية والمؤسسات الدستور ية والوطنية لحقوق الانسان بؤرا معتمة غير مرغوب في بقائها واستمرار تأثيراتها على السلوك الطبيعي للأسر المغربية وحقوقها الفضلى والأساسية..
بعدها عرفت القاعة نقاشا خصبا ومفيدا وتفاعلا إيجابيا بين المتدخلين والمتدخلات والمشاركين من الحضور الكريم، من النساء والرجال.