استضاف المعهد العالي للتدبير والإدارة والهندسة المعلوماتية “ISMAGI”، اليوم الأربعاء، المؤتمر الافتتاحي حول “الشباب والمواطنة” بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، حيث تمت مناقشة مجموعة من القضايا المتعلقة بدور الشباب في المجتمع، وآليات تمكينهم من المساهمة في بناء مستقبل أفضل للمغرب، وآليات اللازمة لتعزيز مشاركتهم في صنع القرار.
في هذا السياق، أكد محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، على الدور المركزي لمواكبة الشباب المغربي، خاصة في المرحلة العمرية الحساسة بين 17 و19 عامًا، وهي الفترة التي ينتقل فيها الشباب إلى مرحلة أكثر استقلالية ومسؤولية.
الحق في التصويت
وأشار بنسعيد في مداخلته إلى أن هذه المرحلة تفرض على الشباب واجبات وحقوقًا متبادلة، مؤكداً أن دور الوزارة يتمثل في محاولة مواكبة هؤلاء الشباب خلال هذه التحولات، خصوصًا أن هذه المرحلة تتميز بالتعقيد على مستوى التحديات النفسية والاجتماعية.
وتطرق الوزير إلى الدور الفعّال الذي يلعبه الشباب في المجتمع، مؤكدًا أن أبناء اليوم يختلفون عن أبناء الأمس في مواجهة التغيرات السريعة والاختلافات الإقليمية والاقتصادية، كما طرح تساؤلاً مهمًا حول مدى تمتع جميع الشباب بنفس الحقوق والإمكانات، مشيرًا إلى أن السياسات العمومية تهدف إلى تقليص الفوارق بين المناطق، بما يضمن حقوقًا متساوية لكافة الشباب المغربي.
ومن جهة أخرى، أوضح المتحدث أن السياسة ليست مجرد نقاشات نظرية، بل هي وسيلة للتفاوض والوصول إلى حلول حول قضايا تهم المجتمع، معتبرا أن السياسة، سواء كانت داخلية أو خارجية، لها تأثير مباشر على حياة المواطنين، مشيرًا إلى أهمية مشاركة الشباب في العملية السياسية، بدءًا من ممارسة حقهم في التصويت.
وأردف قوله بأن نتائج الانتخابات ستحدد المشهد السياسي سواء شاركوا في التصويت أم لم يشاركوا، مما يجعل من الضروري عليهم الانخراط الفعلي وعدم الاكتفاء بالتعبير عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي فقط.
تخليق المشد السياسي
وأشار الوزير إلى أن الأجيال السابقة خاضت معارك نضالية للحصول على حق التصويت، واعتبر أن الشباب اليوم يتمتعون بفرصة مواصلة هذا النضال من خلال استغلال حقوقهم السياسية.
واعتبر المتكلم أن ممارسة حق التصويت أمر مهم يسهم في تخليق المشهد السياسي، وجعله قادرًا على التخلص من الفاسدين، كما أنه يعد جانبا من المواطنة الذي يجب أن يمارسه الجميع. وبالتالي، علينا أن نختار إما أن نكون جزءًا من هذه المعركة والفوز بها، أو البقاء دون تحريك ساكن، وإلقاء اللوم على جهات أخرى دون أخذ المبادرة للنهوض بالمجتمع. وكما قال الركراكي: “نديروا النية ولي ليها ليها.”
وأضاف متسائلا: هل يتمتع الشباب اليوم بالآليات اللازمة التي تمكنهم من اختيار الحزب السياسي المناسب؟ مجيبا بقول الجواب هو هو نعم ولا، وذلك يعود إلى اختلاف المناطق، حيث نجد أن بعض الشباب في مناطق معينة لديهم الآليات اللازمة للنقد والتعبير، بينما مناطق أخرى تفتقر إلى هذه الآليات.
وفي حديثه عن التطورات التكنولوجية، تطرق بنسعيد إلى أهمية مواكبة التطور التكنولوجي، لا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن العديد من القطاعات التقليدية قد تصبح غير ضرورية في المستقبل، مشددا على ضرورة إعداد الشباب لمواجهة هذه التحولات، من خلال تعزيز التعليم والتدريب في مجالات التكنولوجيا الحديثة.
فرص للشباب المغربي
وسجل الوزير أهمية إدماج الثقافة في الصناعات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات التي تساهم في تطوير هذه القطاعات الحيوية، مؤكدًا أن مواكبة العصر شرط أساسي لتحقيق التنمية.
وتناول المسؤول الحكومي أهمية الاستقرار السياسي والاقتصادي في المغرب، مشيرًا إلى أن هذا الاستقرار يمثل عامل جذب للاستثمارات ويعزز فرص العمل للشباب، مضيفا أن السياسات الاجتماعية التي تنفذها الحكومة تهدف إلى تمكين الشباب من دخول سوق العمل، سواء كأجراء أو مقاولين، مما يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي.
وأكد المسؤول أن الحكومة تسعى إلى تجاوز الخطابات الشعبوية التي سيطرت في العقد الماضي، مشيرًا إلى أن ما تم إنجازه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، خاصة على مستوى تدبير ملف المياه على سبيل المثال، يعكس توجهًا جديدًا نحو حلول واقعية ومستدامة.
وعلى صعيد آخر، لفت بنسعيد إلى أن هناك فرص عمل جديدة بدأت تظهر في مجالات مختلفة، وعلى رأسها قطاع الألعاب الإلكترونية، الذي يمثل سوقًا عالمية بمليارات الدولارات، مقرا بضرورة استغلال هذه الفرص والعمل على تطوير مهارات الشباب لتمكينهم من الاستفادة من هذه السوق الواعدة.
وفيما يخص المجال الصحي، شدد وزير الشباب والثقافة والتواصل على تقدم المغرب في تعميم الحماية الصحية على جميع المواطنين، مؤكدًا أن النتائج الإيجابية لهذا البرنامج ستبدأ في الظهور خلال السنوات المقبلة، وذلك في إطار تبني نموذج أكثر تقدمًا للرعاية الصحية، يشمل مجانية التطبيب.
الموارد البشرية
وتابع بنسعيد مداخلته بالتأكيد على أن المغرب بحاجة إلى موارد بشرية قوية لمواكبة التطورات الاقتصادية، مسجلا أن الشباب هم عماد المستقبل، وأن توفير فرص التعليم والتدريب لهم يعزز من قدرتهم على مواجهة التحديات المستقبلية، مشيرًا إلى أن الشباب الذي لا يمتلك المقومات اللازمة يشبه الموارد البترولية التي لا يتم استغلالها بشكل كافٍ.
واعتبر المتحدث بأن المعركة من أجل التنمية هي معركة الجميع، ولا تقتصر على الحكومة أو الفاعلين السياسيين فقط، بل تتطلب جهودًا مشتركة من كل الأطراف لتحقيق النهوض بالمجتمع إلى الأمام.
وشدد المسؤول الحكومي على أن التربية مسؤولية يتقاسمها الآباء بالدرجة الأولى والمدرسة بالدرجة الثانية، لكن اليوم نرى أن الأوضاع تتغير وتأخذ طابعًا سلبيًا، ما يستوجب اتخاذ إجراءات مشتركة لتطوير الوضع نحو الأفضل، مؤكدا أن التربية على المواطنة هي مسؤولية الجميع.
وخلص محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل بالتأكيد على أن وجود فاسدين سياسيين أمر لا يمكن إنكاره، لكنها تظل فئة قليلة، حيث لا يجب النظر فقط إلى الجانب الفارغ من الكأس، بل يجب النظر إلى الجزء الممتلئ أيضًا.
وكالات