احتضنت مدينة الحسيمة، اليوم السبت، حفلا لتخليد الذكرى التاسعة عشرة لتفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس بإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إذ شكل الحفل مناسبة للوقوف عند منجزات المبادرة في مرحلتها الثالثة، وبحث القضايا الحاسمة المتعلقة بالتنمية البشرية في المغرب.
وجرى الحفل، الذي يحمل شعار “1000 يوم الأولى، أساس مستقبل أطفالنا”، بحضور الوالي المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، محمد الدردوري، وعامل إقليم الحسيمة، وممثلي منظمات وهيئات وطنية ودولية ومنتخبين، حيث تم تسليط الضوء على منجزات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال مرحلتها الثالثة، واستشراف آفاقها، ومناقشة القضايا ذات الصلة بالتنمية البشرية، لاسيما ما يتعلق بالطفولة المبكرة.
وقال السيد الدردوري، في كلمة بالمناسبة، إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثالثة صارت شريكا أساسيا في تنزيل السياسات الاجتماعية وعلامة مؤسساتية مرموقة معترف بها وطنيا ودوليا، معتبرا أن المنجزات المحققة كانت بفضل حكامتها الثلاثية والمرتكزة على التدبير المبني على النتائج والحضور الترابي الدامج لكافة القوى الحية، مستعرضا أهم النتائج المحققة ضمن البرامج الأربعة للمرحلة الثالثة من المبادرة.
في هذا السياق، ذكر أنه تم تشييد 1700 كلم من المسالك والطرق، وربط أزيد من 88 ألف منزل بشبكة الماء الصالح للشرب و20 ألف منزل بشبكة الكهرباء، ودعم ما يفوق عن 2.000 مركز اجتماعي لضمان تكفل جيد بالفئات الهشة، وإحداث أزيد 130 منصة للشباب بمختلف أقاليم وعمالات المملكة استضافت أزيد من 380 ألف شابة وشاب استفادوا من خدمات الانصات والتوجيه، وإحداث ما يفوق عن 11.500 مقاولة شابة ودعم أكثر من 4700 مشروع تعاوني ضمن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
على صعيد آخر، شدد السيد الدردوري على أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية عملت في مرحلتها الثالثة على العناية بالطفولة المبكرة استلهاما للتوجيهات الملكية السامية، مبرزا في هذا الإطار أنه بهدف تقوية وتحسين الولوج إلى الخدمات الصحية المُقدمة للأم والطفل، تم بموجب اتفاقية مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية واليونيسف بلورة منظومة للصحة الجماعاتية، تمت تجربتها على مستوى 49 دائرة بثلاث جهات ذات الأولوية، إلى جانب إعداد استراتيجية لتعميم منظومة الصحة الجماعاتية المذكورة، في أفق إدماجها في المنظومة الوطنية للصحة، بتعاون مع القطاع الوصي وبدعم من البنك الدولي.
وذكر أنه تخليدا للذكرى الـ 19 لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تم اختيار شعار “1000 يوم الأولى، أساس مستقبل أطفالنا”، وذلك بالنظر إلى أهمية هذه المرحلة في تطور الفرد، بحيث يُعد الاستثمار في هذه المرحلة من الطفولة المبكرة حسب الخبراء والمختصين أكثر فعالية ب 1,5 إلى 10 مرات مقارنة مع الاستثمارات المنجزة في مراحل أخرى من الحياة، معلنا عن تنظيم حملة تواصلية بشراكة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بمختلف عمالات وأقاليم المملكة، من 22 ماي إلى 22 يونيو، بهدف التحسيس بأهمية ألف يوم الأولى من الحياة في بناء مستقبل واعد للأطفال.
من جهته، أشاد الكاتب العام لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، عبد الكريم مزيان بلفقيه، باختيار “1000 يوم الأولى، أساس مستقبل أطفالنا” والذي يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى الدور المحوري لتنمية الطفولة المبكرة على التنمية عموما، اقتصاديا اجتماعيا، مضيفا أن صحة الأم والطفل تعتبر من أولويات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وأيضا بالنسبة لوزارة الصحة.
كما سجل السيد مزيان بلفقيه أن المبادرة والوزارة تعملان جنبا إلى جنب وبتنسيق كامل، مشيرا إلى أن تنفيذ استراتيجيات الوزارة يستفيد من دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ما مكن من الوصول إلى بعض المناطق النائية بشكل فعال من أجل إنجاز برامج ومشاريع صحية، على غرار البرنامج الوطني للتلقيح أو برنامج العناية بصحة الأم والطفل.
من جانبها، أبرزت ممثلة صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، سبيسيوز هاكيزيمانا، أهمية صحة وتغذية الأطفال خلال الألف يوم الأولى من حياتهم، لاسيما على تعلمهم وعلى مسارهم الدراسي، باعتبارها البوابة الأولى للمساهمة في تنمية الرأسمال البشري والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مضيفة أن اليونيسيف منخرطة إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لضمان مستقبل أفضل للأطفال عبر توفير “السبل المثلى للانطلاقة في الحياة”.
أما المسؤول عن مشروع التنمية البشرية بالبنك الدولي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خورخي كواراسا، فيرى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يعتبر أول مشروع للتنمية البشرية يدعمه البنك الدولي وهو ما يشكل “مبعث اعتزاز”، مشيرا إلى أن المملكة المغربية، من خلال إبراز أهمية الرأسمال البشري، صارت تضطلع بدور الرائد والنموذج الذي ينير الطريق بالنسبة لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
بدورها، نوهت ممثلة منظمة الصحة العالمية، مريم بيغدلي، بأهمية الألف يوم الأولى في تنمية الطفل، وبالتالي تنمية المجتمع، لاسيما وأن المملكة المغربية حققت إنجازات كبيرة، والتي ساهمت في تحقيق مكتسبات “رائعة خلال السنوات الأخيرة” على مستوى صحة الأم والطفل، داعية إلى مواصلة هذه الالتزامات والجهود للحفاظ على المكتسبات.
وتميز الحفل بتقديم عرض المبادرات التحسيسية المزمع القيام بها من أجل التغيير الاجتماعي والسلوكي لتحسين الحالة الصحية لدى الأطفال خلال 1000 يوم الأولى، من أجل تعزيز التغذية والرعاية الصحية لفائدة الأمهات قبل وبعد الولادة، والتشجيع على الرضاعة الطبيعية، وتحسين ممارسات التغذية التكميلية، والتحسيس بالوالدية الإيجابية، وأهمية التعليم الأولي على المسار الدراسي للطفل.