عقد المجلس الوطني لحزب الحركة الشعبية أمس السبت 6 دجنبر الجاري بمدينة الحسيمة دورته السادسة للمجلس الوطني تحت شعار “دورة الوفاء من الريف إلى الصحراء”، في سياق سياسي دقيق تتداخل فيه التحديات التنظيمية مع القضايا الوطنية الكبرى. وشكّلت هذه المحطة مناسبة لإعادة ترتيب أولويات الحزب، وتعزيز قنوات التواصل الداخلي، وتقييم الأداء التنظيمي بما يدعم حضور الحركة الشعبية محلياً ووطنياً.
وفي كلمتها بالمناسبة، شددت البرلمانية لطيفة أعبوث على أن اختيار الحسيمة لاحتضان الدورة يعكس ارتباط مناضلات ومناضلي الحزب بقيم العدالة المجالية والاجتماعية. وأبرزت المفارقة التي تعيشها المنطقة بين ما تزخر به من مؤهلات اقتصادية واعدة، وبين الإشكالات البنيوية التي تطال الصحة والبنيات القروية وفرص الشغل، معتبرة أن الوضع يتطلب تعبئة تنظيمية قوية لترجمة انتظارات المواطنين إلى مبادرات ملموسة تعزز أداء الحزب وقدرته على تقديم بدائل حقيقية.
من جانبه، اعتبر رئيس المجلس الوطني عادل السباعي أن الريف بصم تاريخاً مشرفاً في مسار المقاومة والنضال الوطني، وأن انعقاد الدورة بالحسيمة يمنحها رمزية خاصة داخل المسار التنظيمي للحزب. وأكد السباعي الدينامية الإصلاحية التي أطلقتها القيادة الحزبية لإعادة روح المبادرة وتعزيز العمل المؤسساتي، مشيراً إلى الدور الذي يضطلع به الفريقان البرلمانيان في التشريع والدبلوماسية الموازية. كما اعتبر المجلس الوطني فضاءً لتقييم الحصيلة وإطلاق أوراش جديدة استعداداً للاستحقاقات المقبلة، مع التركيز على تكوين وتأهيل الشباب.
أما رئيس الحزب امحند العنصر فاستحضر العلاقة التاريخية والاستراتيجية التي تجمع الحركة الشعبية بمنطقة الريف، مذكّراً بالدور المركزي لرواد الحزب المنحدرين من هذه الربوع وفي مقدمتهم الراحل حدو أبرقاش خلال اللحظات التأسيسية الصعبة. وأبرز أن هذه الدورة تشكّل مناسبة لتجديد انطلاقة الحزب التنظيمية، داعياً المناضلين، وفي مقدمتهم المرأة الحركية، إلى تعزيز حضور الحزب وترسيخ قيمه من أجل دعم مشروعه الوطني والديمقراطي.
وفي عرضه السياسي، ركز الأمين العام محمد أوزين على استلهام التوجيهات الملكية وما تحمله من رؤى تنموية ومقاربات تصالحية اجتماعية ومجالية، معتبراً أن شعار الدورة يجسد وحدة البلاد رغم تنوعها الثقافي والمجالي. وانتقل أوزين إلى تشخيص الوضع الاجتماعي والاقتصادي، منتقداً ما وصفه باختلالات السياسة الضريبية واتساع دائرة الريع وتوجيه الاستثمار نحو مناطق محظوظة، إضافة إلى أعطاب القطاع الصحي وتعثر ورش الجهوية الموسعة. كما جدد التماسه العفو الملكي عن معتقلي الريف، مؤكداً أن تعزيز المكاسب الدبلوماسية للمغرب يستوجب بيئة داخلية قائمة على الثقة والانفتاح على التعبيرات الشبابية الجديدة.
وتواصلت أشغال الدورة بتقديم مشروع معايير اختيار مرشحي الحزب للانتخابات التشريعية وفق مقتضيات النظام الأساسي، ومناقشة توصيات مرتبطة بالخطط المستقبلية ومتابعة تنفيذ البرامج السابقة. كما شهدت الدورة فقرة للاعتراف بمجهودات الأطر الحزبية المتميزة، قبل اختتامها بالمصادقة على البيان الختامي وتلاوة البرقية المرفوعة إلى جلالة الملك، تأكيداً لتمسك الحزب بثوابته المؤسسية والتزامه بالدفاع عن وحدة الوطن وقيمه الوطنية.
