من المغرب إلى باكستان وأفغانستان والفلبين وبنغلاديش.. ومن غزة إلى الصومال والطوغو.. مسار ممتد من العمل الخيري تقوده مؤسسة “تويزا للإغاثة” Tuisa hilft منذ ما يزيد عن عشرين عاما، وما زال العمل متواصلا إلى اليوم.
تَعني كلمة “تويزا” بالأمازيغية العملَ الجماعي الذي يقوم به السكان المحليون لمساعدة بعضهم في أعمالهم الخاصة دون نيْل أي مقابل، ومنْه انبثقت فكرة تأسيس مؤسسة “تويزا للإغاثة” الموجود مقرها بألمانيا، ولها فروع في تسع عشرة دولة في آسيا وإفريقيا.
“كان والدي يصحبني معه إلى البادية بضواحي مدينة الحسيمة عندما نأتي لزيارة المغرب، وكنت أرى الناس يتعاونون فيما بينهم لمساعدة بعضهم في عدد من الأشغال كالحصاد، ويتفانوْن في العمل بدون أي مقابل، وأثّر فيّ ذلك إلى أن تحوّل إلى فكرة لإنشاء جمعية لمساعدة الآخرين”، يقول عبد السلام الغلبزوري، رئيس مؤسسة “تويزا للإغاثة”، الذي هاجر رفقة أسرته إلى ألمانيا وهو طفل صغير.
باشرت مؤسسة “تويزا للإغاثة” عملها سنة 2004، عقب الزلزال الذي ضرب مدينة الحسيمة في السنة نفسها، وظلت دائرة اشتغالها تتوسع سنة بعد أخرى، إذ توجد حاليا في 19 دولة، ويشمل تدخّلها عدة مجالات كبناء المؤسسات التعليمية، وحفر الآبار، وتقديم المساعدات الغذائية والطبية، وتوفير المآوى عند وقوع الكوارث الطبيعية، ونقل المرضى إلى ألمانيا من أجل العلاج أو إجراء عمليات جراحية…
ويتميز تدخل مؤسسة “تويزا للإغاثة” بالسرعة، “فعندما وقع زلزال الحوز يوم الجمعة (8 شتنبر 2023) كنّا في عين المكان يوم السبت، وساهمنا في انتشال الجثث، ونقلها، عبر سيارات إسعافنا، إلى تحناوت”، تقول إحدى متطوعات المؤسسة في مقطع فيديو مبثوث على قناتها في منصة “يوتوب”.
بلغ حجم المساعدات التي قدمتها “تويز للإغاثة” إلى المتضررين من “زلزال الحوز” نصف مليار سنتيم، شملت الأغذية والملابس والأفرشة والبيوت المتنقلة والمساعدات الطبية… حسب إفادة الغلبزوري، لافتا إلى أن المؤسسة ستنظم قافلة مساعدات إلى المنطقة في غضون الأيام المقبلة.
تولي مؤسسة “تويزا للإغاثة” اهتماما كبيرا بالتعليم، باعتباره رافعة أساسية للتنمية، وخاضت تجربة ناجحة في الصومال حيث شيّدت مؤسسة تعليمية خلال فترة المجاعة التي عرفها البلد، وهي توفر التعليم مجانا من الابتدائي إلى الثانوي، وأصبح عدد من خريجيها يدرسون الطب في الخارج.
“أصبحت تلك المؤسسة التعليمية من أحسن المدارس في الصومال، وحاليا يدرس فيها أزيد من 800 طالب، ونعمل على رفع العدد”، يقول الغلبزوري، مبرزا أن “بناء المدارس هو الطريق لبناء الأجيال وتحقيق التنمية”.
تولي مؤسسة “تويزا للإغاثة” أيضا الاهتمام بتوفير الماء الشروب للمجتمعات الفقيرة، إذ تمكنت من حفر أكثر من 2000 بئر، لحد الآن، في عدد من الدول.
وتتوفر المؤسسة على فرق من المتطوعين في كل البلدان التي لديها فيها فروع، بينما يأتي التمويل الذي تنفذ به مشاريعها من المحسنين أو من ريع الأماسي التي تنظمها، وتنأى بنفسها عن دعم الحكومات “لأننا نريد أن نكون مستقلّين”، يقول الغلبزوري.
ويرى المتحدث ذاته أن مؤسسة “تويزا للإغاثة” تُعدّ جسرا بين الشباب المغربي المزداد في ألمانيا، وبين بلدهم الأصلي، قائلا: “هؤلاء الشباب لهم غيرة كبيرة على وطنهم الأم، وعندما يشتغلون باسم مؤسسة تحمل اسما مغربيا، وتوجد في تسع عشرة دولة، ويروْن ما تقدمه من خدمات للإنسانية، فإنهم يشعرون بالفخر”.
وكالات