تواصل مختلف المصالح الأمنية بإقليم الحسيمة، حربها على الشبكات الإجرامية المختصة في تهريب المخدرات والتهجير السري والاتجار بالبشر. وتبذل هذه المصالح، وهي عناصر الدرك الملكي والأمن الوطني والبحرية الملكية، مجهودات قصوى لقطع الطريق على هذه الشبكات، التي تتخذ السواحل الممتدة من حدود إقليم الدريوش إلى منطقة إمزورن بإقليم الحسيمة، نقط انطلاق قوارب مطاطية وأخرى خشبية للصيد التقليدي محملة بأطنان من المخدرات، أومهاجرين غير شرعيين في اتجاه المياه الدولية أو جنوب إسبانيا في عمليات للتهريب الدولي للمخدرات أوتهريب البشر.
صار مألوفا منذ سنوات، أن تسمع من حين لآخر، حجز أطنان من المخدرات المعدة للتهريب الدولي، بالشريط الساحلي سالف الذكر، أو أن البحر لفظا علبا أو صناديق أو رزما محملة بمخدر “الشيرا”، أو إجهاض العناصر سالفة الذكر مخططات مختلف الشبكات الإجرامية التي تنشط في هذه الأعمال غير القانونية، وكذا وصول مجموعة من “الحراكة” إلى جنوب إسبانيا على متن قوارب مطاطية سريعة من نوع “فانطوم”، وتوثيق ذلك عبر فيديوهات بصفحات التواصل الاجتماعي.
إحباط عمليات تهريب
كشفت تحقيقات سابقة توظيف مراكب للصيد وأخرى مطاطية لنقل الحشيش من الشواطئ إلى عرض البحر وتسليمه إلى مهربين يتكلفون بشحنه على متن يخوت سياحية أو قوارب نفاثة إلى الجنوب الإسباني، وتبين أن عمليات من هذا النوع تتم بتنسيق مع مهربين مغاربة وأجانب.
ورغم إحباط العديد من عمليات تهريب المخدرات، والتهجير السري، انطلاقا من سواحل الحسيمة، وتشديد الخناق على شبكاتهما من قبل مصالح الدرك البحري والبحرية الملكية والأمن الوطني، إلا أن أفراد هذه الشبكات ماضون في استعمال بعض الشواطئ، التي ينسلون إليها في جنح الظلام، بعد تأكدهم من غياب دوريات المراقبة، نقط انطلاق نحو جنوب إسبانيا بعدما يتم شحن قوارب مطاطية من نوع “فانطوم” بأطنان من المخدرات أو بعشرات “الحراكة” الذين يؤدون مقابل ذلك ملايين السنتيمات لتلك الشبكات، بما فيها الوسطاء الذين ينالون حظهم من تلك الأموال.
قوارب مطاطية
ساهم طول الشريط الساحلي سالف الذكر، وصعوبة تضاريسه في غزوه من قبل شبكات الهجرة السرية والتهريب الدولي للمخدرات، التي تركب البحر عبر القوارب المطاطية المتطورة والصيد التقليدي أحيانا، التي تحاصرها عناصر أمنية التي اعتادت على العثور على رزم من المخدرات تلقى من حين إلى آخر على امتداد الشواطئ، أو تلفظها مياه البحر بإقليم الحسيمة، إذ يتم إلقاؤها وسط البحر من قبل المهربين، فتجرفها التيارات المائية القوية باتجاه شواطئ الحسيمة، حيث يتم حجز هذه المخدرات ووضعها رهن إشارة العناصر القضائية لكل من الأمن والدرك الملكي، لتعميق البحث بشأن شبهات ارتباطها بالتهريب الدولي للمخدرات، والتحقيق في موضوعها تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
الهجرة غير الشرعية
أفلحت المصالح الأمنية بالحسيمة في أكثر من مناسبة في تفكيك شبكات متخصصة في الهجرة السرية والاتجار في البشر، بعدما ضبطتهم متلبسين بتنظيم عمليات الهجرة غير الشرعية، وأحيلوا في حالة اعتقال على النيابة العامة المختصة، ومنهم من أدين بعقوبة سجنية وصلت إلى عشر سنوات وغرامات مالية نافذة لفائدة إدارة الجمارك والضراب غير المباشرة.
وكانت أكبر عملية للتهريب الدولي للمخدرات، تلك التي أحبطتها عناصر الدرك الملكي البحري العاملة بميناء الحسيمة رفقة السلطات المحلية وعناصر البحرية الملكية والأمن الجهوي، قبل أشهر، إذ تمكنت هاته العناصر من حجز خمسة أطنان و354 كيلوغراما من المخدرات، بعدما كان ينوي تسعة أشخاص لاذوا بالفرار، شحنها بقاربين خشبيين، غير أن محاولتهم باءت بالفشل.
ويستغل بعض المهربين قلة الحراسة لرصد عمليات إبحار القوارب في ظروف مشبوهة، لكن رغم ذلك، نجحت عناصر الدرك البحري والبحرية الملكية عن طريق جولات روتينية في مياه البحر في مطاردة بعض القوارب المطاطية، الشيء الذي يدفع من يكونون على متنها إلى إلقاء كميات المخدرات في البحر، فيلفظها بعد فرار أصحاب تلك القوارب لحظة مشاهدتهم دوريات البحرية الملكية.
وداهمت مصالح الأمن العمومي في أكثر من مرة منازل بإقليم الحسيمة، حيث تم إيقاف عدد من المرشحين للهجرة غير الشرعية، وتبين بعد التحقيق معهم أنهم على علاقة بالشبكات التي تنشط بالمنطقة.
أرباح خيالية لعصابات التهجير
تغري الأرباح الكبيرة التي يجنيها مهربو البشر من عمليات التهجير السري، العديد من الأشخاص الذي يلجون هذا العالم الإجرامي، إذ يتراوح المبلغ الذي يمنحه الراغب في الهجرة نحو جنوب إسبانيا للمنظمين ما بين 20 ألف درهم و50 ألفا، ويحمل القارب مابين 20 فردا و50 أو أكثر، بمن فيهم أحيانا أمهات وأطفال صغار.
وتعمد شبكات تهريب البشر إلى حمل كميات من المخدرات على متن قوارب مطاطية، فتضرب عصفورين بحجر واحد، إذ تقوم بتهريب البشر والمخدرات، كما أن فئة أخرى تشتغل مع شبكات التهريب الدولي للمخدرات، حيت تتكفل بنقلها وكذا براميل مملوءة بالبنزين، انطلاقا من سواحل الريف لتسليمها لآخرين يكونون في انتظارهم وسط المياه الدولية، وغالبا ما تتم مثل هذه العمليات بنجاح.
ويتعرض بالمقابل عدد من الضحايا الشباب لعمليات نصب من قبل أفراد تلك الشبكات، بعد تسليمهم مبالغ مالية دون التزامهم بتهجيرهم نحو الضفة الأخرى، حيث سبق لعناصر الدرك والأمن الوطني أن قدمت عددا من المتورطين في عمليات نصب للعدالة.
جمال الفكيكي (الحسيمة)